بن ساولة أبكى 90 ألف مغربي في الدار البيضاء والشماخ ردها عام 2004 في صفاقس

ودون
أن نغوص في التاريخ، فإنهما الأكثر حاليا تمثيلا في أقوى البطولات
الأوربية مع تفاوت الغلبة من سنة إلى أخرى، فكما للمغرب بن بارك الذي قال
عنه بيلي البرازيلي أنه أحسن منه، فإن للجزائر أيضا مخلوفي وزيتون اللذان
لو أرادا لكانا نجمي كأس العالم في السويد عام 1958 التي شهدت ظهور بيلي،
ومرورا بالجزائري رابح ماجر العربي الوحيد الذي نال كأس الأندية الأوروبية
البطلة مع بورتو البرتغالي والمغربي نعيم الذي أحرز كأس الكؤوس الأوروبية
مع ناديه الإسباني سرقسطة، حيث سجل ماجر في النهائي بالعقب، وسجل نعيم هدف
الفوز في النهائي من كرة على بعد 50 مترا وانتهاء بهذا الجيل المغربي
والجزائري الذي يلعب مع كبار أوربا مثل الإنتير ونابولي وأرسنال وغلاسكو
رنجرس.. لأجل ذلك نجد أن مباريات الكبيرين الجزائر والمغرب هي الأكثر متعة
وروح رياضية رغم ما فيها من ألم الإقصاء وفرحة الانتصارات.

قصة
المواجهات الجزائرية المغربية الرسمية بدأت في 1969 عندما التقيا ضمن
تصفيات كأس أمم إفريقيا، حيث جرت المباراة الأولى بملعب العناصر 20 أوت
بالجزائر العاصمة بتاريخ التاسع من مارس وانتهت بفوز جزائري بهدفين نظيفين
وعجز المغاربة في اللقاء الثاني من التأهل في الدار البيضاء وسجلوا هدفا
وحيدا من الشهير فراس، وهذا قبل عام من مشاركة أسود الأطلس في كأس العالم
بالمكسيك، ولكن ثأر المغاربة في ذات المنافسة لم يطل كثيرا، حيث أصبح
المنتخب المغربي بعد تألقه في مونديال المكسيك وخسارته بهدفين مقابل واحد
أمام ألمانيا بعد أن كان متفوقا وتعادل أمام رومانيا قبل الانهيار أمام
البيرو.

وواجه
الخضر في العاشر من ديسمبر 1970 وفاز رفقاء كالام بثلاثية مقابل هدف واحد
أمام دهشة الجميع، لكن خبرة رفقاء الحارس الأسطورة علال قاهر الألمان مكّنت
في المباراة الثانية المغرب من الفوز بثلاثية نظيفة والتأهل.. ثم تبخرت
اللقاءات الرسمية بشكل كامل بين المنتخبين إلى غاية ديسمبر 1979، حيث
التقيا في الدور الأخير من تصفيات التأهل إلى الألعاب الأولمبية في موسكو
وبدأت في تلك السنة بذور المنتخب الجزائري الكبير المكوّن من سرباح وبلومي
وبن ساولة وعصاد، لكن بمعطيات سياسية مختلفة، حيث برزت قضية الصحراء
الغربية وتوترت بشكل كامل العلاقات بين البلدين لأجل ذلك جاءت المباراة
الأولى محفوفة بالمخاطر وأعطاها البلدان أهمية كبرى، لأنها الأولى بعد أربع
سنوات من اندلاع الحرب في الصحراء الغربية.

وجرت
مبارراة الذهاب التاريخية في الدار البيضاء وحضرها أكثر من 90 ألف متفرج،
قيل أن الكثيرين أمضوا ليلتهم في الملعب من أجل متابعة المباراة التي أخطأ
فيها المدرب المغربي عندما استدعى لاعبين صنعوا أمجاد الكرة المغربية ومنهم
الحارس هزاز وعسيلة وكانوا في خريف العمر الكروي، لكنهم اصطدموا بنجوم
شباب قدموا سنفونية كروية نادرة، حيث أسكت إبن حمام بوحجر التاج بن ساولة
المناصرين المغاربة بهدف بعد توغل منفرد وقذفة أرضية ولم تمر سوى دقائق
قليلة حتى أضاف بن ساولة هدفا من قذيفة بعيدة أسكتت الأنصار نهائيا، ورغم
منح الحكم ضربة جزاء للمغاربة عجز سرباح عن صدها وبعث الأمل في نفوس أسود
الأطلس من جديد، إلا أن بن ساولة مع بداية الشوط الثاني عاد برأسية جميلة
ليُعيد الصمت إلى المدرجات، وسيطر بعد ذلك رفقاء بلومي على المباراة وأضاف
صالح عصاد وكان بعمر بلومي دون 21 عاما هدفا رابعا ليختم المهرجان نجم
جمعية وهران غمري رضوان بخماسية كالأحلام.

وبينما
واصل الخضر سيطرتهم المطلقة، وقف تسعون ألف متفرج مع نهاية المباراة كرجل
واحد يذرفون دموع الحسرة، ولكن بروح رياضية مثالية أمطروا الخضر بعاصفة من
التصفيق من جمهور فهم بأن بذور فريق 1982 قد ظهرت.

المباراة
التاريخية التي جرت عصرا تابعها الجزائريون بصوت محمد صلاح عبر القناة
الإذاعية الأولى، ثم تم بثها ليلا مسجلة عبر شاشة التلفزيون، وفي لقاء
العودة الذي جرى بملعب 5 جويلية المعشوشب اصطناعيا وتحت طوفان من المطر جعل
آلات قذف المياه تتدخل بعد الشوطين حتى لا تُلغى المباراة، تمكن الخضر
بداية من هدف بهلواني من كويسي من سحق أسود الأطلس بثلاثية نظيفة وتأهل
المنتخب الجزائري لألعاب موسكو الأولمبية لأول وآخر مرة، حيث بلغوا في
المنافسة الدور الربع النهائي، إذ فازوا في موسكو على سوريا بثلاثية نظيفة
وانهزموا بهدف يتيم أمام ألمانيا الديموقراطية وتعادلوا بهدف لمثله أمام
إسباينا، ولكنهم في مباراة الربع النهائي أمام يوغوسلافيتا خسروا وتبخر حلم
النصف النهائي.

ولاحت
بعد ذلك للمغاربة فرصة الثأر من هاته الهزائم الثقيلة في كأس أمم أفريقيا
في مارس 1980 التي لُعبت في نيجيريا عندما تواجد الفريقان في فوج واحد،
ولكن الفوز كان للخضر أيضا بهدف من بلومي في مباراة شهدت ميلاد شعبان
مرزقان النجم الذي صال وجال في المباراة رغم سنه الذي كان في العشرين وبضعة
أشهر وهذا في مدينة إيبادان ولم يلتق بعد ذلك الفريقان إلى غاية كأس أمم
إفريقيا التي جرت في مصر عام 1986، حيث التقيا ضمن فوج واحد في الثامن من
مارس 1986 بالاسكندرية وسيطر الخضر بالطول وبالعرض، لكن النتيجة بقيت بيضاء
رغم أن المنتخبين كانا متأهلين لكأس العالم بالمكسيك وهي المواجهة الوحيدة
التي لعبها ماجر ضد المغرب، كما شهدت الدورة غياب بعض المحترفين من
المنتخبين اللذين كانا يحضران للمونديال لأجل ذلك أخفقا سويا في التألق.

وعادت
كأس أمم إفريقيا لتجمعهما في دورة المغرب عام 1988 فالتقيا في الدور الأول
وفاز المغاربة بهدف وحيد، وتأهلا سويا لنصف النهائي وأقصيا أيضا سويا ضد
نيجيريا والكامرون، ونشطا المباراة الترتيبية التي جرت في أجواء أقرب
للعائلية المليئة بالضحك، حيث تعادلا بهدف لكل فريق وأحرز الخضر المركز
الثالث بضربات الترجيح في دورة غاب عنها ماجر الذي كان حينها بطلا لأوربا
وبطلا للعالم مع ناديه بورتو البرتغالي، وشارك مدان حكيم الذي خطف إعجاب
المغاربة رفقة بلومي.

وفي
تصفيات كأس العالم باليابان وجنوب كوريا، أوقعت القرعة المنتخبان في
المجموعة التأهيلية الأخيرة رفقة السنغال ومصر ورغم الفوزين اللذين حققهما
المغرب في العاصمة الجزائرية وفي فاس المغربية بنفس النتيجة أي هدفين مقابل
هدف واحد، إلا أنه لم يتأهل رفقة الخضر إلى المونديال، حيث ذهبت البطاقة
للسنغال على حساب ثلاثة منتخبات عربية هي الجزائر والمغرب ومصر واختفت
المواجهات إلى حين آخر ظهور رسمي في مواجهة بين المنتخبين في الثامن من
فيفري 2004 ضمن الدور الربع النهائي من كأس أمم إفريقيا في صفاقص وهي
المباراة الدراماتيكية الشهيرة التي تمكن فيها أشبال سعدان من تسييرها
وتسجيل هدف في الشوط الثاني من رأسية عبد المالك شراد فجّر الملعب الذي
غزاه الجزائريون، وكاد نفس اللاعب أن يقتل المباراة ولكن إضافة الحكم لسبع
دقائق كوقت بدل ضائع مكنت مروان الشماخ من التعديل ليفوز المغاربة بثلاثة
أهداف مقابل هدف، ووصلوا بعد ذلك للمباراة النهائية دون أن يتمكنوا من
الفوز باللقب أمام البلد المنظم تونس وهي المباراة التي شارك فيها عنتر
يحيى وزياني وڤاواوي من الجيل الحالي وطبعا مروان الشماخ قبل أن يشتهر مع
نادي بوردو الفرنسي وينتقل بعد ذلك للأرسنال، وكدليل على أن مباريات المغرب
والجزائر كانت كلها أخوية فإن الهزيمة تجرعها الجزائريون رغم مرارتها ولكن
أحداثا مؤسفة وقعت في صفاقس مع الأشقاء التونسيين وليس مع المغاربة لتعود
الآن بعد سبع سنوات المواجهة المغربية الجزائرية بجيل جديد ولكن بتقاليد
قديمة يشهد خلالها العالم أن الجزائر والمغرب هما أكبر مدرستين كرويتين
ورياضيتين عبر التاريخ في العالم العربي وإفريقيا وأكيد أن مباراتهما في
عنابة ومباراة الرد في فاس أو مراكش لن تختلف في نوعيتها وفي الروح
الرياضية عن المباريات 13 السابقة بين المنتخبين.